نبيّ بلا معجزة

الآيات، بمعنى المعجزات، هي عنوان لمحاورة مركزية في الخطاب القرآني، وإن كانت منبثّة انبثاثاً في عشرات من سور النص القرآني. الطرفان الرئيسيان في هذه المحاورة اثنان لا ثالث لهما: اللّه من جهة أولى، والمشكّكون أو المتشكِّكون في رسالة رسوله من المشركين ومن أهل الكتاب، سواء في مكة أ و في المدينة، من جهة ثانية. أمّا الرسول نفسه فهو موضوع وليس ذاتاً لهذه المحاورة: فهو مجرّد وسيط أو ترجمان، وفي الغالب مأمور من مرسله بفعل القول: «قل». أمّا موضوع المحاورة فواحد لا يتبدّل، وإن تنوّعت أشكال إخراجه .فالمشركون والكتابيون يطالبون الرسول بإتيانهم بآية تثبت مصداقية رسالته، والرسول يُحيل طلبهم إلى اللّه لأن الآيات هي من اختصاصه وحده، واللّه يردّ هذا الطلب مثنى وثلاثَ ورباعَ ، وبحجج متماثلة تتكرر هي أيضاً مثنى وثلاثَ ورباعَ. نموذج هذه المحاورة تقدّمه لنا الآية السابعة والثلاثون من سورة الأنعام: {وقالوا لولا نُزِّل عليه آية من ربه، قل إن اللّه قادر على أن ينزِّل آية، ولكن أكثرهم لا يعلمون}.وكذلك الآية العشرون من سورة يونس: {ويقولون لولا أُنزل عليه آية من ربّه، فقل إنما الغيب للّه، فانتظروا ...